على أن هناك فريقا لا بأس به من أعداء محمد كانوا يتصورونه
مفتريا لتلك القصص وغيرها، مختلقا لها.
لقد كان هناك فريقان متناقضان.. لكن بغضهما لمحمد جعلهما
يتفقان.
وهذان الفريقان لم يخلو منهما التاريخ.. إلى يومنا هذا لا
زالت الأيام تلد هذين الصنفين من الناس: القائلين بابتداع محمد لدينه، والقائلين
بنقله عن غيره.
قلت: هناك شبهة أخرى.. لها أصل قديم، ولها فروع حديثة
كثيرة.. وهي ترتبط بتعلم محمد من غيره.
قال: أعرفها.. وأعرف استغلال قومنا لها.. إنهم يزعمون أن
محمدا تلقى علومه التي بثها في قرآنه من أحبارنا ورهباننا.
قلت: أجل.. وفي التاريخ ما يدل على ذلك.. ففيه ما يدل على
خروج محمد مع عمه أبي طالب إلى الشام ، وهناك التقى بالراهب المعروف.
ابتسم، وقال: أهذا الحديث تستشهد به لإثبات نبوة محمد، أم
لإلغائها؟
قلت: بل لإلغائها.. فإن هذا الراهب هو معلم محمد[1].
قال: كم مكث محمد مع هذا الراهب حتى يعلمه كل هذه العلوم..
وكيف يغيب عن قومه، وهم أكثر الناس عداوة له أمر هذا الراهب؟
أنتم تستندون إلى نص يشهد فيه الراهب انطلاقا من الكتب
التي عنده لمحمد بالنبوة، فتقلبون النص، وتحولون الراهب الشاهد إلى معلم، مع أن
محمدا عاش أميا ومات أميا بشهادة القرآن، وبشهادة جميع من يعرفه.
أرأيت لو ذكر لك أحد من الناس أن أولئك المجوس الذين قدموا
الهدايا للمسيح وسجدوا
[1] وقد أطلق هذه الشبهة أمثال المستشرق
نورمان دانيال الذي ذكر أن محمداً a تعلم القرآن الكريم من راهب نصراني اسمه بحيرى أو جرجيس أو سرجيوس.