نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 82
صدق الآخر، فعدم إمكان الصدفة يستلزم صدق التقدير.
فتكون الخليقة موجودة بخلق وتقدير، وهو يدلّ على وجود المقدّر الخبير، وهو الله (جلّ جلاله)
قال أبيقور: فما البرهان الثالث؟
قال الرسي: البرهان الثالث هو برهان الاستقصاء.. فإنّ كُلاًّ منّا إذا راجع نفسه وتأمّل شخصه يشعر بوضوح، ويدرك ببداهة أنّه لم يكن موجوداً أزليّاً بل كان وجوده مسبوقاً بالعدم، وقد وُجد في زمان خاصّ في عام معيّن وشهر معيّن ويوم معيّن.
فلنتساءل ونتفحّص ونبحث هل أنّا خَلَقْنا أنفسنا؟ وهل خَلَقنا أحدٌ مثلنا من الممكنات كآبائنا أو اُمّهاتنا؟ أو هل خَلَقَنا القادر الفاطر الواجب وهو الله (جلّ جلاله)؟
أمّا جواب الأوّل: فلا شكّ أنّنا لم نخلق أنفسنا حيث إنّه لم نكن موجودين في الزمان المتقدّم علينا، فكيف أعطينا الوجود لأنفسنا، وفاقد الشيء لا يعطيه..
ولو تمكّنا من إعطاء الوجود لأنفسنا، لأبقينا لها الوجود ضدّ الموت، ولا شكّ في عدم قدرتنا على ذلك، بل عدم قدرة الأقوياء منّا ومن كان قبلنا على ذلك.
وأمّا جواب الثاني: فلا شكّ أيضاً أنّ آباءنا لم يخلقونا، بدليل أنّهم لم يعرفوا أعضاءنا وأجزاءنا ومطويات أبداننا ومضمرات أجسامنا، فكيف بخلقة حقيقتنا، ومعلوم أنّ الخالق يلزم أن يعرف ما خلقه، والصانع يعرف ما صنعه.
مع أنّ آباءنا بأنفسهم يموتون ولا يمكنهم إعطاء أو إبقاء الوجود لأنفسهم فكيف يعطونه لأبنائهم؟
لا يبقى بعد التفحّص والإستقصاء إلاّ الشقّ الثالث، وهو أنّ الله هو الذي خَلَقَنا، وهو الذي خلق كلّ شيء، وهو القادر على كلّ شيء الوجود والإفناء، والموت والبقاء، وهو الخبير بمخلوقه بكلّ محتواه، والعالم بأولاه وعُقباه.
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 82