نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 355
الموجودات؛ إذ يدرك هذه الموجودات التي عددناها وما لم نعدها، وهو الأكثر: فيتصرف في جميعها ويحكم عليها حكما يقينا صادقا.. فالأسرار الباطنة عنده ظاهرة، والمعاني الخفية عنده جلية.. فمن أين للعين الظاهرة مساماته ومجاراته في استحقاق اسم النور كلا إنها نور بالإضافة إلى غيرها لكنها ظلمة بالإضافة إليه.. بل هي جاسوس من جواسيسه وكله بأخس خزائنه وهي خزانة الألوان والأشكال لترفع إلى حضرته أخبارها فيقضي فيها بما يقتضيه رأيه الثاقب وحكمه النافذ.
والعين لا تبصر ما لا نهاية له، فإنها تبصر صفات الأجسام والأجسام لاتتصور إلا متناهية.. بينما العقل يدرك المعلومات، والمعلومات لايتصور أن تكون متناهيه.. فإنه - مثلا- يدرك الأعداد ولا نهاية لها؛ بل يدرك تضعيفات الإثنين والثلاثة وسائر الأعداد ولا يتصور لها نهاية، ويدرك أنواعا من النسب بين الأعداد لا يتصور التناهي عليها: بل يدرك علمه بالشىء وعلمه بعلمه بالشيء، وعلمه بعلمه بعلمه. فقوته في هذا الواحد لا تقف عند نهاية.
وفي الأخير، فإن العين تخطئ كثيرا.. فتبصر الكبير صغيرا، فترى الشمس في مقدار مجن والكواكب في صور دنانير منثورة على بساط أزرق.. بينما العقل يدرك أن الكواكب والشمس أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة؛ والعين ترى الكواكب ساكنة، بل ترى الظل بين يديها ساكنا، وترى الصبي ساكنا في مقداره، والعقل يدرك أن الصبي متحرك في النشوء والتزايد على الدوام، والظل متحرك دائما، والكواكب تتحرك في كل لحظ أميالا كثيرة.
قال الباقر: فقد عرفت بهذا أن العين أولى باسم النور من النور المعروف، ثم عرفت أن العقل أولى باسم النور من العين.
قال شنْكَراجاريا: أجل.. فما المرتبة الثالثة.. والتي ذكرت أنها مرتبة خواص الخواص؟
قال الباقر: لاشك أنك تعلم – وأنت الفيلسوف الخبير- أن العقول وإن كانت مبصرة، فليست المبصرات كلها عندها على وتيرة واحدة.
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 355