responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 345

ودون أن تكون لذلك المرموز صورة مُخَزَّنةٌ في مُخِّهِ، أو مَعرِفةٌ لما ينفصل به وجود ذلك الشيء عن وجود ما سواه إذا لم يسبق له إدراكه حسيا، أو لم يكن مما يدرك بالحواس أصلا.. هذا وإلا فالكلمة مجرد صوت أجوف لا يدل على معنى، ولا يشير إلى ما يزيد عن كونه صوتا مبهما كسائر الأصوات التي تعج بها الأجواء حولنا مما ليس بلغة خطاب.

وباعتبار تلك المعارف وذلك التواضع في الخطاب اختلفت في اللغة العربية دلالات الألفاظ، واختلفت دلالة الكلمة الواحدة بين تركيب وآخر، وبين الاستعمال الحقيقي والاستعمال المجازي.. وكل ذلك في السمع الحاصل من طريق الأذن مجرد وجود أصوات متصلة على هيئات مختلفة، لا تختلف في تنغيمها كثيرا عن تنغيم أصوات العصافير.

فمُخُّ الإنسان هُنا متميِّزٌ بتحصيل العلوم الاستدلالية المؤسسة على علوم الضرورة، ومتميز أيضا بإخراج ما يريد نقله أو إظهاره من المعارف في صورة رمزية، أو نسق لغوي. ولذلك فإن الإنسان حينما يرى شيئا أو آلة جديدة لأول مرة، قد يصف شكلها كما يظهر لحاسته؛ لكنه لا يسميها ابتداء ولا يضع لها اسما؛ حتى يُعلَمَ به أو يتواضع مع غيره على اسم لما عرفاه، وكذلك قالت الملائكةُ حينما أُمِرت بذكر أسماء الخلائق: P.. سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)O (البقرة).. وذلك لأن علم الملائكة المُحدَث محصور له غاية ينتهي إليها؛ فأنَّى لهم أن يعرفوا أسماءً لموجودات لم يعرفوها من قبل؟

ومن ثمَّ قال المناطقة في حَدِّ الإنسان: حيوان ناطق.. والناطقية - هنا - هي العقل وعمل المخ من الإنسان، وكان شيوخنا في الفلسفة يحكون لنا عن سقراط أنه كان يقول للرجل العملاق: يا هذا، كلمني حتى أراك.. أي حتى أراك إنسانا حقيقيا؛ فربما لا يكون له من الإنسانية إلا الصورة، وكونه عملاقا زيادة في الصورة لا في حقيقة الإنسانية.. وقد كان حكماء العرب يقولون فيمن لم يكمل عقله من العماليق: أجسام البغال وأحلام العصافير.

وبهذا، فإن المسألة في حقيقتها ليست أكثر من تحصيل المعارف وإخراجها.. ولا أعني

نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست