responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 208

 

فالفرس الأقدمون من السلالة الهندية الجرمانية، وموقع بلادهم قريب من دولة بابل، قريب من أقاليم الطورانيين، قريب من مسالك الحضارة بين المشرق والمغرب، وقد تلقت حضارة فارس وحضارة مصر في السلم والحرب غير مرة، وانقضي زمن طويل علي الدنيا المتحضرة وهي تقرن بين المجوسية وبين الحكمة أو اللم بأسرار الطبيعة والسيطرة عليها بالسحر والمعرفة الإلهية.. وكان لليهود وأبناء فلسطين وأمم العرب علاقات قديمة بالدولة الفارسية تارة وبالدولة البابلية تارة أخري.. فاتصل من ثم تاريخ المجوس بتاريخ اليهود والمسيحيين والمسلمين.

فالأقدمون من الفرس يلتقون مع الهند في عبادة (مترا) إله النور، وتسمية الإله بالـ (أسورا)، أو الـ (أهورا) وإن اختلفوا في إطلاقه علي عناصر الخير والشر.. فجعله الفرس من أرباب الخير والصلاح، وجعله الهند من أرباب الشر والفساد.

والبابليون عرفوا عبادة (مترا) في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ورفعوه إلي المنزلة العلية بين الآلهة التي تحارب قوي الظلام.

واستعار الفرس من البابلين كما أعاروهم، فأخذوا منهم سنة التسبيع في عدد الآلهة، وجعلوا (أورمزد) علي رأس سبعة من أرباب الحكمة والحق وقوى الطبيعة وأنواع المرافق والصناعات.

ولم تخل الديانة المجوسية من عقائد الطورانيين، لأن (زرادشت) عاش بينهم زمنا، وبشرهم بدينه، فاضطر إلى مجاراتهم في عبادتهم ليجاروه في عبادته، وأدخل أربابا لهم في عداد الملائكة المقربين[91].


[91] هذا ما ذكره العقاد في كتابه (الله) بناء على دراسات الغربيين.. ونحن نرى أن في هذا تجديفا خطيرا.. فالأدلة الكثيرة تشير إلى أن زراشت كان موحدا.. وقد رجحنا كونه كذلك بناء على ما ورد من النصوص عن السلف الصالح..

وقد قال ابن حزم بهذا، فقد جاء في الفصل: (أما زرادشت فقد قال كثير من المسلمين بنبوته) (الفصل في الملل والأهواء والنحل:1/90)

ثم عقب على ذلك بقوله: (ليست النبوة بمدفوعة قبل رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم لمن صحت عنه معجزة، قال تعالى:﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ((فاطر:24)، وقال:﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ((النساء:164)

ثم بين أن الذي ينسب إليه المجوس من الأكذوبات باطل مفترى منهم، واستدل على ذلك بالتحريفات الواقعة في الديانات المختلفة،، ثم بين قاعدة جليلة في ذلك فقال:( وبالجملة فكل كتاب وشريعة كانا مقصورين على رجال من أهلها، وكانا محظورين على من سواهما فالتبديل والتحريف مضمون فيهما، وكتاب المجوس وشريعتهم إنما كان طول مدة دولتهم عند المؤبذ، وعند ثلاثة وعشرين هربذا، لكل هربذ سفر قد أفرد به وحده لا يشاركه فيه غيره من الهرابذة ولا من غيرهم، ولا يباح بشيء من ذلك لأحد سواهم، ثم دخل فيه الخرم بإحراق الإسكندر لكتابهم أيام غلبته لدارا بن دارا، وهم مقرون بلا خلاف منهم أنه ذهب منه مقدار الثلث ذكر ذلك بشير الناسك وغيره من علمائهم)

ونفس ما دفع به ابن حزم عن زرادشت ما نسبه إليه المجوس ذكره غيره من العلماء، قال الباقلاني: (وكذلك الجواب عن المطالبة بصحة أعلام زرادشت إما أن نقول إنها في الأصل مأخوذة عن آحاد، لأن العلم بصدقهم غير واقع لنا، أو نقول إنه نبي صادق ظهرت على يده الأعلام، ودعا إلى نبوة نوح وإبراهيم، وإنما كذبت المجوس عليه في إضافة ما أضافته إليه من القول بالتثنية وقدم النور والظلام وحدوث الشيطان من فكرة وشكة شكها بعض أشخاص النور، وهو بمنزلة كذب النصارى على المسيح علیه‌السلام من دعائه إلى اعتقاد التثليث والاتحاد والاختلاط، وأن مريم ولدت مسيحا بلاهوته دون ناسوته وغير ذلك) (تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل:203)

وقد ذكر ابن حزم أن هذا القول ليس بدعة للمتأخرين، بل أن من السلف من قال بذلك، قال:( وممن قال أن المجوس أهل كتاب علي بن أبي طالب وحذيفة هما، وسعيد بن المسيب وقتادة وأبو ثور وجمهور أصحاب أهل الظاهر، وقد بينا البراهين الموجبة لصحة هذا القول في كتابنا المسمى الإيصال في كتاب الجهاد منه وفي كتاب الذبائح منه وفي كتاب النكاح منه) (الفصل في الملل والأهواء والنحل:1/90)، ثم قال:( ويكفي من ذلك صحة أخذ رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم الجزية منهم، وقد حرم الله عز وجل في نص القرآن في آخر سورة نزلت منه وهي براءة أن تؤخذ الجزية من غير كتابي)

نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست