نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 203
ولا تعتبر البوذية إضافة في صميم العقائد الدينية، بل هي إضافة في آداب السلوك وفلسفة الحياة.. وهي إضافة في عرض الآراء علي غير المستأثرين بها قديما من سدنه الهيكل والمحراب.
وبهذه الآداب ينجو الإنسان من رباط ذلك الدولاب الدائر بالولادة والموت والتجدد في حياة بعد حياة وجثمان وراء جثمان، فيدخل في (النرفانا) ولا يولد بعد ذلك ولا يموت.
وحكمه في هذا المصير حكم الأرباب والملائكة وحكم السماوات والأرضين.. فكلها خاضع لقانون القضاء والقدر الذي لا فكاك منه لموجود، وكلها عرضة للتفكير والتطهير والتحول والتغيير، ثم للذهاب في غمرة الفناء الأخير.
وقد وجدت أن موضع التناقض في هذه الفلسفة[90] أنها تنكر (الشخصية الإنسانية) ولا تعترف بالذات أو بالروح وهي مع هذا تؤمن بتناسخ الأرواح وثبوت شيء في الإنسان يبقي علي التنقل بين الأجساد والدورات.. وهي تؤمن بالكل أو (المطلق) الصمدي الوجود، ثم تنفي عنه الذات كما تنفيها عن الإنسان.. مع أن الكل بغير ذات لا يكون كلا بمعني من معاني
[90] انتقد العقاد الدراسات الأوروربية التي استلهم منها، قال: (علينا أن نحترس من مغالاة الشراح الأوربيين بهذه الفلسفة البوذية. لأنهم يتعصبون لكل منسوب إلي الآرية علي اعتبارها عنصر الأوربيين الأقدمين والمعاصرين، فقد رفعوها فوق قدرها بلا مراء ، وزعمواأنها (جرأة العقل الكبري) في مواجهة المشكلة الكونية ، وأنها الخطوة المقتحمة التي لم يذهب وراءها ذو عقيدة في مطاوح التأمل والإقدام)
وقد رد على هذا بقوله: (لكنها لا تحسب من الجرأة العقلية بوصف من الأوصاف ، فما هي إلا جرأة حسية في أقصي ما تطوحت إليه من الفروض والأظانين ، وما البوذية كلها إلا تململا من وطأة الحس والجسد، ولا سعادتها القسوي إلا ضيقا بالحس وهربا منه إلي الفناء أو (اللاوعي) علي أحسن تقدير.. والمحسوس عندها شامل للمعقول ، والكائن بحق الحس عندها شامل للكائن بحق العقل وحق الوعي وحق الذات.. والآلهة عندما تأتي في المرتبة التالية بعد مرتبة الأكوان وما ارتفعت الأكوان عندها إلي هذة المرتبة إلا بأنها هي المحسوس ، وهي أول ما يفاجئنا قبل أن نفكر وقبل أن نتأمل وقبل أن ندين باعتقاد)
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 203