نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 201
وأما الفريق الثاني فالحقيقة الأبدية عنده معني ليس له قوام من (الذات) الواعية، وإنما هو قانون يقضي بتلازم الآثار والمؤثرات، ويقابل الاعتقاد بالقضاء والقدر عند المؤمنين بالأديان الكتابية.
إلا أنه قضاء يسري علي الآلهة كما يسري علي البشر، ويتغلغل في في طبائع الخالقين كما يتغلغل في طبائع المخلوقات، وحكمه الذي لا مرد له هو حكم التغير الدائم والفناء، وحكم الإعادة والإبداء.
ولم أر من خلال بحثي أن أحدا من الأقدمين بلغ في تعظيم الأكوان المادية مبلغ البراهمة، سواء في تقدير السعة أو تقدير القدم أو تقدير البقاء.. فقد جعل البراهمة للكون أربعة أعمار تساوي اثنتي عشر ألف سنة إلهية وأربعة ملايين وثلاثمائة وعشرين ألف سنة شمسية.. وبعض المتأخرين يضاعفها ألف ضعف ويقولون أنها جميعا دورة واحدة من دورات الوجود.. وأن هذه الدورة هي يوم يقظة يقابله ليل هجوع، ينقضي بين كل دورة فنيت وكل دورة آخذة في الابتداء.
والقانون الأبدي karma يقلب الأدوار فيبدئها ويحفظها ويفنيها، ثم يختم هذا النهار بليل من الليالي الهجوع، ثم يعود فيطلع النهار كرة أخري أخري دواليك إلي غير انتهاء، لأنه لا انتهاء للزمان.
ويتضاءل الإنسان الفاني كلما تعاظم هذا الفناء الخالد أو هذا الخلود الذي يتجدد بالفناء، فليس للإنسان حساب كبير في هذه الحسبة الأبدية.. لأنه (رقم) ضئيل يغرق في طوفان الأرقام التي لا يحيط بها العد والإحصاء.
وعلي هذه القاعدة قامت البوذية التي بشر بها البوذا جوتاما قبل الميلاد المسيحي بحوال خمسة قرون.. فقيل (جوتاما) بمئات السنين كان نساك الهند يتغنون بمضامين النشيد المرهوب الذي تحدث عما كان قبل أن كان أو يكون:
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 201