نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 165
قال ابن الراوندي: هل تريد أن تشرح عقلي لترى ما فيه؟
قال الراوندي: سأتحرى كما يتحرى القضاة.. وسأدرك من خلال التحري أن عقلك لا يخلو من هذه البديهة.
قال ابن الراوندي: أنا مستعتد لسماعك حضرة القاضي.. فاسأل كما تشاء.
قال الراوندي: نفرض أنك نظرت إلى وعاء أمامك، فوجدت فيه قطعا من الآلات المختلفة الدقيقة، ولما تأملتها جيدا اكتشفت أن لكل واحدة منها مكانا تركيبيا دقيقا من الأخرى، فأخذت تجمع هذه الأجزاء.. وعندما فرغت من وضع آخر آلة منها في موضعها فوجئت بصوت دقيق رتيب ينبعث في حركة مطردة من داخل تلك الآلات، وتأملت فإذا هي ساعة زمنية.. ما لذي تدركه عقب هذا كله؟
قال ابن الراوندي: لا شك أني كسائر الناس أدرك دون ريب أن لكل آلة من تلك الآلات الدقيقة غاية جزئية معينه قد هيئت لتحقيقها، وأن لمجموعها غاية نوعية واحدة هي ضبط الزمن.
قال ابن الراوندي: فأبشر إذن.. فإن عقلك لا يزال سليما.. إنه يحوي هذه البديهية التي يسميها أصحابك من الفلاسفة قانون العلية (العلة الغائية).. ويسميها أصحابنا من علماء الكلام (دليل الحكمة والتناسق).. فظهور العلة الغائية دليل قطعي على وجود مدبر صممه على هذا النحو إذ لا تملك الأجهزة الجامدة أن تفكر لتسير وحدها نحو غايات معينة.
قال ابن الراوندي: فكيف تستدل بهذا القانون على وجود الله؟
قال الراوندي: لقد عبر عن هذا الدليل أعرابي كان لا يزال يحتفظ بفطرته حين قال جوابا لمن سأله عن دليله على الله:( البعرة تدل على البعير، وأثر السير يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك كله على الله اللطيف الخبير)
وعبر عنه أفلاطون بقوله: (إن العالم آية في الجمال والنظام، ولا يمكن أبدا أن يكون هذا
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 165