ثم ذكر الشيخ محمد عبده صحبته للشيخ درويش، وتأثيره فيه: فقال:
(.. وبعد ذلك سألت الشيخ ما هي طريقتكم؟ فقال: طريقتنا الإسلام فقلت: أوليس كل
الناس مسلمين؟ فقال: أوما رأيتهم يتنازعون على التافه من الأمور، أوما سمعتهم
يحلفون بالله كاذبين بسبب وبغير سبب؟ فكانت هذه الكلمات كأنها ناراً أحرقت ما كان
عندي قبل ذلك من المتاع القديم ،متاع تلك الدعاوي الباطلة والمزاعم الفاسدة متاع
الغرور بأننا مسلمون ناجون وإن كنا في غمرة ساهين، سألته ما وردكم الذي يتلى في
الخلوات عقب الصلوات، فقال: (لا ورد لنا إلا القرآن نقرأ مع كل صلاة أربع أرباع مع
الفهم والتدبر) فقلت: (أنى لي أن أفهم القرآن ولم أتعلم شيئاً ؟) قال : (اقرأ معك
ويكفيك أن تفهم الجملة وببركتها يفيض عليك التفصيل، فإذا خلوت فاذكر الله) على
طريقة بينها لي، وأخذت أعمل ما قال لي من اليوم الثامن، فلم تمضِ علي مدة أيام إلا
وقد رأيتني أطير بنفسي في عالم آخر غير الذي كنت أعهده، واتسع عندي ما كنت أعهده،
واتسع عندي ما كان ضيقاً، وصغر عندي ما كان متسعاً، وعظم عندي أمر العرفان والنزوع
بالنفس إلى جانب القدس، وتفرقت عني جميع الهموم ولم يبق لي إلا هم واحد وهو أن
أكون كامل المعرفة كامل آداب النفس ولم أجد من يرشدني إلى مما وجهت إليه نفسي إلا
ذلك الشيخ الذي أخرجني في