وفي المقابل نجد الاتجاه
المتشدد في الموقف من البدعة لا يرى في الآية هذه الرؤية، فقد ذهب ابن كثير في تفسيره إلى أن في
الآية الكريمة ذم (من وجهين: أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله..
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل)[2]
واعترض الشاطبي في (الاعتصام) على
الاستدلال بهذه الآية على جواز إحداث البدعة بـمجموعة اعتراضات[3]:
الأول: أن الآية لا يتعلق
منها حكم بهذه الأمة، لأن الرهبانية نسخت في الشريعة الإسلامية فلا رهبانية في
الإسلام.
الثاني: أن البدعة في الآية
ليست بدعة حقيقية وإنما هي بدعة إضافية، لأن ظاهر القرآن دل على أنها لم تكن
مذمومة في حقهم بإطلاق، بل لأنهم أخلوا بشرطها، وهو الإيمان بمحمد a.
الثالث: أنه لو كانت البدعة في
هذه الآية حقيقية لخالفوا بها شرعهم الذي كانوا عليه، لأن هذه حقيقة البدعة، أي هي
الفعل المخالف للشرع.
حديث السنة الحسنة:
وهو قوله a : (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من
بعده إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة
كان عليه
[1] محمد بن جرير بن يزيد بن
كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة
الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م، (23/ 202)