ونحب أن نبين هنا أن العلاقة
التي تربط الجمعية بالمذهب المالكي لا تتعدى مالك وبعض أصحابه المتقدمين، أما
المتأخرون من أصحاب المتون والشروح والحواشي، والذين يكاد يكون أكثرهم من أصحاب
الطرق الصوفية، فإن الجمعية تنتقدها، بل وتقدم كتب الحنابلة عليها، يقول الزاهري في العدد الخامس من
(الصراط السوي) : ( وهُنا مسألة جوهريّة لا بأس بالإشارة إليها, وهي أنّ كُتب
الحنابلة التي يقرئها الوهّابيّة وغيرهم هي كّتب سّنّة وحديث أكثر ممّا هي كُتب
فقهيّة حنبليّة , وهم لا يزالون يُؤلّفونها على طريقة السّلف الصّالح وأئمّة هذا
الدّين الحنيف , بخلاف كُتبنا نحن المالكيّة التي يُؤلّفها فُقهاؤنا المتأخّرون في
المذهب المالكي مثلا فهي خالية من السّنّة والحديث حتّى إنّك لتقرأ كتابا ذا أجزاء
من كُتب المُتأخّرين من أوّله إلى آخره فلا تكاد تعثر فيه على حديث شريف ولا على
أثر من آثار الصّحابة وبعبارة أخرى أنّ كُتب الحنابلة المُتأخّرين لا تزال كّتب
سنّة وحديث ككتُب المُتقدّمين أمّا كُتب المُتأخّرين من المالكيّة والحنفيّة مثلا
فقد خلت كلّها أو جُلّها من السّنّة والحديث , بل يسوق لك مُؤلّفها الأحكام
مُجرّدة عن كلّ نظر واستدلال ولا يخفى أنّ كتب السّنة والحديث تجعل قارئها سُنّيا
سلفيا شديد الاتّصال بالرّسول a وشديد الاتّصال بالسّلف
الصّالح وبعيدا كلّ البعد عن التّقليد والجُمود وبعيدا عن البدع ومُحدثات الأمور ,
ومن هنا جاء الخلاف بين الوهّابيّة من أهل السّنّة الآخرين إن كان هناك خلاف)[2]
وانطلاقا من هذا نرى
الجمعية في مناقشاتها مع المخالفين سواء كانوا من المدرسة المقاصدية أو المدرسة
الصوفية، تنتقي من فتاوى الفقهاء ما يتناسب مع هذه النظرة، وهي انتقائية – كما نرى – غير موضوعية، لأن
التأصيل الحقيقي يستدعي الاطراد، والتعامل مع