بالإضافة إلى هذايذكر
الشيخ ابن عليوة أن ما أحدثه الصوفية من
وظائف الأذكار، والتقييدات في الأعداد قليل أمام ما أسسه المجتهدون من الأحكام
وقنّنوه من القوانين.. فإن (المجتهدين حلّلوا وحرّموا وأوجبوا وندبوا، الأمر الذي
لا يذكر أمامه ما أحدثه القوم من القوانين)[2]
وهكذا الأمر بالنسبة
لاجتهادات الصحابة الذين نزلت الآية بين أظهرهم، وهم أدرى بتفسيرها، فإن القول
بكمال الدين بعد نزول الآية ينفي جميع ما اجتهدوا فيه، بل يجعلهم مبتدعين بذلك بدع
ضلالة، يقول الشيخ ابن عليوة في بيان ذلك: (وزيادة
على هذا إنّ الأمر لا يقف عند هذا الحدّ بل يتعدى إلى سائر الأحكام المستفادة من
أقوال الصحابة والتابعين، وحتى المنصوص عليها من أعمال الخلفاء الراشدين، على أنّ
جميعها جاء بعد نزول الآية الكريمة، فلا تفوتك يا حضرة الشيخ تلك النوازل على صلاة
التراويح بالمسجد لم يقرر العمل به إلاّ في خلافة عمر بأمر منه، وكان الحال في عصر
النبيّ a على خلاف ذلك، وأنّ الطلاق الثلاث
دفعة واحدة، كان على عهد النبيّ a، وخلافة أبي بكر، وطرف
من خلافة عمر يعتبر طلقة واحدة، ثم بدا لهذا الأخير أن يعتبره ثلاثا باتا، فنجد
رأيه في ذلك، ووافقه عليه الصحابة رضوان الله عليهم، وها هو الآن يجري عليه
العمل!، وأنّ حدّ شارب الخمر، كان في عهد النبيّ a، وخلافة أبي بكر مقيّدا
بأربعين جلدة، وزاد فيه عمر إلى الثمانين، وعلى ذلك جرى العمل، وقس على ذلك بقيّة
النوازل، والحالة أنّ جميع ذلك بعد نزول الآية الكريمة، فهل يتسنى لكم القول بأنّ
ذلك ليس من الدين ؟ ! كلا، لا تطاوعك نفسك،
[1] ابن عليوة، أعذب المناهل في الأجوبة والمسائل، نقلا عن: صفحات مطوية في التصوف الإسلامي،
ص138.
[2] ابن عليوة، أعذب المناهل في الأجوبة والمسائل، نقلا عن: صفحات مطوية في التصوف الإسلامي،
ص138.
نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 31