نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 29
خفيت عليه قربة هو اهتدى
إليها أو لم تخف عليه ولكنه كتمها. وهذه كلها مهلكات لصاحبيها فلا يكون ما أوقعه
فيها من ابتداع تلك التي يحسبها قربة إلا محرما. وقد قال مالك فيما سمعه من ابن
الماجشون: (من ابتدع في الإسلام
بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- خان الرسالة لأن الله
يقول: : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة: 3] فما لم
يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا)[1]
كما استدل بالآية كل من
ذهب إلى ذم البدع بجميع أنواعها، يقول الشوكاني في (القول المفيد) في
معرض مناقشته لبعض من يتصورهم مبتدعة: ( فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض
نبيه r فما هذا الرأي الذي
أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟! إن كان من الدين في اعتقادهم؛ فهو لم يكمل
عندهم إلا برأيهم وهذا فيه رد للقرآن! وإن لم يكن من الدين؛ فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من
الدين؟! وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبداً،
فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي،وترغم به آنافهم وتدحض به
حججهم)[2]
ويقول الشاطبي: (إن المستحسِن للبدعِ
يلزمه عادة أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد، فلا يكون لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة: 3] معنى
يعتبر به عندهم)[3]
وقد أجاب على هذا
الاستدلال الشيح ابن عليوة بتفصيل في رسالة كتب
بها لبعض المخالفين، وهي رسالة مهمة جدا ترقى إلى مستوى المناقشات العلمية الهادفة
المحترمة، ونحاول هنا باختصار عرض هذه الرسالة، ووجوه الاستدلال فيها.
بدأ الشيخ ابن عليوة مخاطبة المخالف له
وللصوفية من غير أن يحدد من هو المخالف،