نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 267
وهكذا جرت حروب كثيرة أدرك بعدها
الجزائريون - بما فيهم الصوفية - أن الوقت لم يكن في صالح هذه المقاومات المتفرقة،
وأن العدة والعدد والظروف الدولية وأشياء أخرى كثيرة تحول دون نجاح الجزائريين في
طرد المستعمر من بلادهم.
وقد اختلف الجزائريون حينذاك في النهج السلمي الذي
يختارونه، كما هو معروف في تاريخ الحركة الوطنية، وقد رأت الطرق الصوفية أن كل تلك
الحلول غير مجدية، فلذلك عارضت الحزبية بكل قوة، بل عارضت دعاة الوطنية والقومية
أيضا، لأن طروح هؤلاء ستغذي من العصبيات ما يحول دون المشروع الذي هو في صميم
منهجهم، والذي انتهجه من قبلهم الذين استطاعوا أن يحولوا التتار من عدو إلى صديق.
وهذه السياسة التي انتهجوها أساء خصومهم - للأسف-
فهمها، فاعتبروا هذه الطرق صديق فرنسا الصدوق، وأنهم صنيعة الاستعمار، وأشياء
كثيرة لا زالوا يرمونهم بها، وهي التي جعلت بعد ذلك من الدولة الجزائرية تقوم
بتعتيم كبير على الطرق الصوفية وعلى الجهود الإصلاحية التي قاموا بها.
وسنحاول هنا باختصار أن نذكر أسس مشروع الإصلاح
السياسي كما تتصوره الطرق الصوفية، وخاصة أنشط الطرق في ذلك الحين الطريقة
العلاوية.
أولا ــ تجنب المواجهة المباشرة مع
الاستعمار:
وهذا الأساس يشكل الأرضية لما بعده، فقد كان الاحتلال
الفرنسي ينقض على كل مجاهر بالعداوة له، ليحول بينه وبين الظهور على الساحة أولا،
ثم على تفعيل ما يريد تحقيقه من أغراض ثانيا، وهذا ما جعل الجمعية – على الرغم من توجهها الإصلاحي- تجامل الاستعمار في
محال كثيرة كما سبق ذكره.
بالإضافة إلى هذا يذكر الباحثون المذهب العقدي الذي
ينتمي إليه صوفية الجزائر، وهو المذهب الأشعري، الذي يسوغ الخضوع للإمام الجائر إذا
اشتدت وطأته، ولم يمكن
نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 267