ثم بين، وهو المتكلم
الأصولي الفقيه الفيلسوف قيمة تلك الخلوات الإيمانية، فقال: (وبالجملة، فمن لم
يرزق منه شيئاً بالذوق، فليس يدرك من حقيقة النبوة إلا الاسم، وكرامات الأولياء،
هي على التحقيق، بدايات الأنبياء، وكان ذلك أول حال رسول الله a، حين أقبل إلى جبل (حراء)، حيث كان يخلو فيه
بربه ويتعبد، حتى قالت العرب : (إن محمداً عشق ربه!) [2]
ثم ذكر الغزالي بعد هذا
المنهج الصحيح الذي نستجلي به حقيقة هذا الأمر، وهو التجربة لا إرسال الرسل للتجسس
والاستخبار، فيقول: (.. وهذه حالة، يتحققها بالذوق من يسلك سبيلها. فمن لم يرزق
الذوق، فيتيقنها بالتجربة والتسامع، إن أكثر معهم الصحبة، حتى يفهم ذلك بقرائن
الأحوال يقيناً. ومن جالسهم، استفاد منهم هذا الإيمان. فهم القوم لا يشقى جليسهم.
ومن لم يرزق صحبتهم، فليعلم إمكان ذلك يقيناً بشواهد البرهان، على ما ذكرناه في
كتاب (عجائب القلب) من كتب (إحياء علوم الدين)، والتحقيق بالبرهان علم، وملابسة
عين تلك الحالة ذوق، والقبول من التسامع والتجربة بحسن الظن إيمان، فهذه ثلاث
درجات) [3]
كيفية الخلوة:
ذكر الشيخ العربي التبسي بناء على الوصف الذي
وصف له كيفية الخلوة، وهو وصف صحيح دقيق على حسب ما يذكره الصوفية في كتبهم، وعلى
حسب ما رأيتها بنفسي، لكنه للأسف كما ذكرنا خلط السخرية والنقد اللاذع لها بسبب
وغير سبب، وسنذكر هنا ما ذكره