نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 42
وهو
لأجل ذلك قد يروي أحيانا، وخاصة في غمرة تحقيقاته قصصا تدعو إلى الإنكار عليه، ولكنه
لا يلبث أن يعقب عليها بما يبين موضع الاستشهاد منها، ويحذر من عواقب الفهم السيئ لها،
فقد حكى ـ مثلاـ أن من الصالحين من وضع الأسد يده على كتفه ولم يتحرك، ثم عقب على ذلك
بقوله: (فقد حكي عن جماعة أنهم ركبوا الأسد وسخروه، فلاينبغي أن يغرك ذلك المقام؛ فإنه
وإن كان صحيحا في نفسه فلا يصلح للاقتداء بطريق التعلم من الغير، بل ذلك مقام رفيع
في الكرامات، وليس ذلك شرطا في التوكل)[1]
ومما يلفت النظر هنا أن الغزالي تجنب كثيرا ذكر قصص الكرامات وغيرها مما اهتم
به المتأخرون، وأفردوا له التصانيف، وذلك باعتبار الكرامات قضايا فردية ليس لها حكم
العموم، وموضع الشاهد منها لا يعدو كونها دلائل على عناية الله بعباده، وتدبيره لأمر
خلقه، ولذلك اقتصر الغزالي على ذكرها في كتاب التوكل من الإحياء لاقتضاء المقام لذلك.
ومع ذلك كله فإن القصص لا تعبر بالضرورة عن رأي أوفكرة، فيتوجه النقد إلى
الفكر من خلالها، كما فعل د.زكي مبارك في نقده للغزالي من خلال قصصه، لأن في كل قصة
موضع استشهاد أواستئناس، وقد يكون فيها ما يرفض، ومن هذا الباب روى ابن عباس وغيره
من الصحابة الكثير من الإسرائيليات مع احتوائها أحيانا على مواضع استهجان ودلائل تحريف.
استعمال الشدة:
ويراه الغزالي جهدا إصلاحيا معتبرا إذا
ما روعيت المراتب السابقة، يقول عن طريقة معالجته لأهل الشغب والمجادلين بعد تعريفهم
الحق ودلالتهم عليه:(فإن لم يقنعه لبلادته وإصراره على تعصبه ولجاجه وعناده عالجته
بالحديد، فإن الله تعالى جعل الحديد والميزان