ومع ذلك فقد اختلفت آراء الباحثين في سبب عزلته، فمنهم من أعاد ذلك إلى مرض
أصيب به، وقد فسره ديورانت على أنه انهيار في قواه العقلية[2]، وفسرة عمر فروخ على أنه الكنط[3]، ومنهم من أرجع ذلك إلى
خطر الباطنية، يقول صلاح الدين عبد اللطيف: (ولعل الباطنية أحرجت موقفه فهددته، ولوحت
له بالحساب على مافرط في حقهم في الثورة على الخلافة العباسية، وتفويض دعمائمها، فضاق
به المقام في بغداد)[4]
وقد أشار الغزالي إلى أن معاصريه – أيضا
– قد
احتاروا في سبب عزلته (وارتبكوا في الاستنباطات، وظن من بعد عن العراق أن ذلك كان الإستشعار
من جهة الولاة، وأما من قرب من الولاة وكان يشاهد إلحاحهم في التعلق بي ولاانكباب علي،
وإعراضي عنهم، وعن
[1] الزبيدي، إتحاف السادة المتقين شرح أسرار علوم الدين، دط، دت،
1/8.
[2] وول ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة زكي نجيب محمود، القاهرة، 1950،
مج4، 2/363.
[3] هو مرض وراثي من أعراضه هبوط في القوى الجسمانية والعقلية، ينتج
اضطرابا نفسيا (انظر: د. عمر فروخ، رجوع الغزالي إلى اليقين [ضمن كتاب: مهرجان
الغزالي، إشراف المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، القاهرة،
مطابع كونستا توماس وشركاه]، ص307)..
[4] د.صلاح الدين عبد اللطيف الناهي، الحوائد من آراء حجة الإسلام
الغزالي. ط1، بيروت: دار الجيل، دار عمار 1407ه، 1987م، ص45.
نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 28