وقد علت حشمته ودرجته في بغداد حتى كانت تغلب حشمة الأكابر والأمراء ودار
الخلافة، وظل مقيما على التدريس ونشر العلم والفتيا والتصنيف أربع سنوات (تضرب به الأمثال،
وتشد إليه الرحال)[2]
وكان يحضر مجلسه الجلة من العلماء كابن عقيل[3] وأبي الخطاب[4] وينقلون كلامه في مصنفاتهم[5].
واهتم في هذه المرحلة –زيادة على التدريس ـ بدراسة الفلسفة،
فحصلها في أقل من سنتين – مع انشغاله بتدريس ما ينوف عن ثلاثمائة
من طلبة العلم[6] – وكتب فيها، ثم رد عليها،
وكتب في ذلك وغيره كتبا جمة.
مرحلة العزلة:
وهي
أدق مراحل حياته وأغناها وأهمها، ولولاها ما كان لأبي حامد ذلك الدور الكبير الذي قام
به في الإصلاح، وقد بلغت مدتها إحدى عشرة سنة ابتداء من ذي القعدة سنة
[3] هو أبو الوفا علي بن عقيل بن محمد [431 ـ 513هـ]. كان شيخ
الحنابلة في بغداد وكان واعظا عظيما التدين يجتمع بجميع العلماء من كل مذهب ،انظر:
ابن كثير ،البداية والنهاية ،ج11 ،ص677
.
[4] هو محفوظ بن أحمد الكلواذي ،أحد أئمة الحنابلة في الأصول والفروع
، توفي سنة 510ه، انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج4 ،ص69.