نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 216
وينبه الغزالي هذا الشيخ الذي يعالج
قلوب المريدين بأن لا يهجم عليهم بالرياضة والتكاليف في فن مخصوص، في طريق مخصوص مالم
يعرف أخلاقهم وأمراضهم، ولذلك ينبغي (أن ينظر في مرض المريد في حاله وسنه ومزاجه وما
تحملته بنيته من الرياضة، ويبني على ذلك رياضته)[1]
ويضرب الغزالي الأمثلة الكثيرة على نماذج علاج المشايخ لمريديهم، ومن ذلك
أن المريد إذا كان مبتدئا جاهلا بحدود الشرع، فعليه أن يعلمه أولا الطهارة والصلاة
وظواهر العبادات، وإن كان مشغولا بمال حرام أو مقارفا لمعصية يأمره أولا بتركها، (فإذا
تزين ظاهره بالعبادات، وطهر عن المعاصي الظاهرة جوارحه نظر بقرائن الأحوال إلى باطنه
ليفطن لأخلاقه وأمراض قلبه)[2]، ثم
يعالجه ـ انطلاقا من ذلك ـ مما يراه مناسبا لحاله.
الصحبة الصالحة:
ولها دور كبير في التنبيه للعيوب، أو في المذاكرة للتطهر منها، وقد عبر الغزالي
عن ذلك بقوله:(.. أن يطلب صديقا متدينا نصيرا، فينصبه رقيبا على نفسه ليلاحظ أحواله
وأفعاله، فما كره من أخلاقه وأفعاله وعيوبه الباطنة والظاهر ينبهه عليه)[3]
فليست هذه الصحبة التربوية صحبة مداهنة
أو تغاض عن العيوب، وإنما هي صحبة تنظيف وتطهير وإصلاح، والغزالي يجدد للصاحب الصالح
خمس خصال، وهي: (أن يكون عاقلا حسن الخلق غير فاسق ولا مبتدع ولا حريصا على الدنيا)[4]، فمثل هذا الصاحب هو الذي يمكن الإستفادة منه في هذا
المجال.