وقد كان كلا هذين الجانبين بحاجة إلى الإصلاح لإخراج العلماء الرانيين والمصلحين،
ولذلك أخذا قسطا كبيرا من اهتمام الغزالي، وتمحورت حولهما كل كتبه.
وهذان الجانبان لا يتحققان ـ كما يرى الغزالي ـ إلا بإعادة النظر في توجيه
التعليم إلى أبعاده الإصلاحية، وهو لا يتم إلا بإصلاح نظام التعليم نفسه، وسنتناول
كلا الأمرين في هذا المبحث.
1 ـ البعد الإصلاحي للعلم:
لقد لاحظ الغزالي أن خلو التعليم في عصره من التوجيه الإصلاحي حول العلماء
إلى معاول للإفساد، بدل أن يكونوا سببا لتشييد صرح الإصلاح.
وهذا الحكم لم يرسله الغزالي عبثا، وإنما هو نتيجة خبرة وتجربة واستبار ومعاينة
لأفراد الناس وسؤالهم عن سبب تقصيرهم في الشريعة، فالكثير منهم أجابه بأن (هذا أمر
لو وجبت المحافظة عليه لكان العلماء أجدر بذلك)[2]
يقول الغزالي:(إن الأطباء هم العلماء، وقد مرضو في هذه الأعصار مرضا شديدا
عجزوا عن علاجه، فاضطروا إلى إغواء الخلق والإشارة عليهم بما يزيدهم مرضا، فبهذا السبب
عم الخلق الداء، وعظم الوباء، وانقطع الدواء، وهلك الخلق لفد الأطباء)[3]
ولهذا يدعو إلى عنصرين أساسيين لتحقيق أبعاد العلم الإصلاحية
وهما: