نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 153
يرى الغزالي أن الأحكام العقلية إذا
تجردت من سلطة حكم الحس[1]، والوهم [2] لا تكاد تخطئ، لأنها فطرة فطر الناس عليها ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (الروم:30)، يقول الغزالي معقبا على هذه الآية: (فسمى العقل
دينا)[3]
ولكون أحكام العقل المجرد دينا، فإن التناقض بين أحكام العقل وأحكام الشرع
مستحيل، بل إن أساس الشرع العقل، (فهو كالأس والشرع كالبناء، ولن يغني أ س ما لم يكن
بناء، ولن يثبت بناء ما لم يكن أ س)[4]
وهو يسمي الشرع ـ بسبب مراعاته الضرورية للأحكام العقلية ـ عقلا، فالشرع عقل
من الخارج، والعقل شرع من داخل،وهما متعاضدان بل متحدان[5].
[1]
الحاكم الحسي: هو الحس المشترك الذي تجتمع فيه الصور الحسية بعد غياب المحسوسات
(ولولا ذلك كان من رأى العسل الأبيض، ولم يدرك حلاوته إلا بالذوق، إذا رآه ثانية
لا يدرك حلاوته ما لم يذقه كالمرة الأولى) (الغزالي، تهافت الفلاسفة، تحقيق موريس
بويج، بيروت: دار المشرق ص207) وهذا الحاكم يخطئ كثيرا، فلذلك لا يعتمد العقل
مطلقا على أحكامه، يقول الغزالي بعد ذكر أمثلة عن أخطاء الحواس: (فهذا وأمثاله
يكذبه حاكم القل ويخونه) (معيار العلم،ط2،بيروت:دار الأندلس ص309).
[2] هو
كالحس المشترك إلا أنه يدرك المعاني، كالعداوة التي تدركها الشاة من الذئب،
ومخافته لها، والمحبة التي تدركها من أمها وموافقتها لها (تهفات الفلاسفة ص207)،
وسبب أخطاءه حكمه لغير المحسوسات بأحكام المحسوسات، كإنكاره شيئا لا يناسب أجسام
العالم بانفصال واتصال، ولا يوصف بأنه داخل العالم ولا خارجه (معيار العلم ص32)
[3]
معارج القدس في مدارج معرفة النفس، باتنة: دار الشهاب ص58.