responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 151

 

وقد أشار الغزالي إلى هذا المعني، وفسر به الروايات الواردة في ذلك، فقال تعليقا على الأحاديث التي تذكر الحيات والعقارب في القبر: (ولا ينبغي أن يتعجب من هذا العدد على الخصوص، فإن أعداد هذه الحيّات والعقارب بعدد الأخلاق المذمومة من الكبر، والرياء، والحسد، والغل، والحقد، وسائر الصفات، فإن لها أصولا معدودة، ثم تتشعب منها فروع معدودة، ثم تنقسم فروعها إلى أقسام. و تلك الصفات بأعيانها هي المهلكات، وهي بأعيانها تنقلب عقارب وحيات، فالقوي منها يلدغ لدغ التنين، والضعيف يلدغ لدغ العقرب، وما بينهما يؤذى إيذاء الحية. وأرباب القلوب والبصائر يشاهدون بنور البصيرة هذه المهلكات وانشعاب فروعها، إلا أن مقدار عددها لا يوقف عليه إلا بنور النبوة)[1]

ثم بين وجه ارتباط عذاب الميت بعد موته بهذا؛ فقال: (وهذه الصفات المهلكات تنقلب مؤذيات ومؤلمات في النفس عند الموت، فتكون آلامها كآلام لدغ الحيّات من غير وجود حيّات. وانقلاب الصفة مؤذية يضاهي انقلاب العشق مؤذيا عند موت المعشوق، فإنه كان لذيذا فطرأت حالة صار اللذيذ بنفسه مؤلما، حتى يرد بالقلب من أنواع العذاب ما يتمنى معه أن لم يكن قد تنعم بالعشق والوصال) [2]

ثم راح يطبق هذا المثال، باعتباره الحقيقة، لا مجرد مثال؛ فقال: (بل هذا بعينه هو أحد أنواع عذاب الميت، فإنه قد سلط العشق في الدنيا على نفسه، فصار يعشق ماله، وعقاره، وجاهه، وولده، وأقاربه، ومعارفه، ولو أخذ جميع ذلك في حياته من لا يرجو، استرجاعه منه فما ذا ترى يكون حاله؟ ليس يعظم شقاؤه، ويشتد عذابه،


[1] إحياء علوم الدين، ج‌6 ـ الجزء16، ص: 6.

[2] إحياء علوم الدين، ج‌6 ـ الجزء16، ص: 6.

نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست