نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 148
جنس حيات
عالمنا، بل هي جنس آخر، وتدرك بحاسة أخرى)
ثانيها، وهو
للتقريب، وليس للحقيقة المطلقة، وقد عبر عنه الغزالي بقوله: (أن تتذكر أمر النائم،
وأنه قد يرى في نومه حية تلدغه، وهو يتألم بذلك، حتى تراه يصبح في نومه، ويعرق
جبينه، وقد ينزعج من مكانه. كل ذلك يدركه من نفسه، ويتأذى به كما يتأذى اليقظان، وهو
يشاهده، وأنت ترى ظاهره ساكنا، ولا ترى حواليه حية، والحية موجودة في حقه، والعذاب
حاصل، ولكنه في حقك غير مشاهد. وإذا كان العذاب في ألم اللدغ، فلا فرق بين حية
تتخيل أو تشاهد) [1]
وطبعا؛ فإن
المراد الغزالي من هذا هو التقريب، لا الحقيقة المطلقة، لأنها غيب، والذي خلق
النوم، وأودع فيه تلك القدرات، يمكن أن يخلق غيره، ولا عجب في ذلك عند صاحب القدرة
المطلقة.
ثالثها، وهو
أدنى المراتب، وقد عبر عنه الغزالي بقوله: (.. أنك تعلم أن الحية بنفسها لا تؤلم،
بل الذي يلقاك منها وهو السم، ثم السم ليس هو الألم، بل عذابك في الأثر الذي يحصل
فيك من السم؛ فلو حصل مثل ذلك الأثر من غير سم لكان العذاب قد توفر، وكان لا يمكن
تعريف ذلك النوع من العذاب إلا بأن يضاف إلى السبب الذي يفضي إليه في العادة.. و
تكون ثمرة السبب حاصلة وإن لم تحصل صورة السبب: والسبب يراد لثمرته لا لذاته)[2]
ثم ختم هذه
المراتب ـ كعادته ـ بنصيحة غالية قال فيها: (والذي أوصيك به أن لا تكثر نظرك في
تفصيل ذلك، ولا تشتغل بمعرفته، بل اشتغل بالتدبير في دفع العذاب