نام کتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 183
ومن هذا الباب
أمر الله تعالى الخليل u بذبح ولده، ولم يكن مراده تعالى من ذلك سوى
امتحانه على مدى امتثاله وتسليمه وتقديمه محبة الله على محبة الولد، فلما فعل ذلك
رفع عنه الأمر بالذبح.
بل إن عباد
النار ـ مع كفرهم ـ يتهافتون فيها ويلقون أنفسهم فيها طاعة للشيطان، ولا يقولون:
ليس ذلك في وسعنا مع تألمهم بها غاية الألم، (فعباد الرحمن إذا أمرهم أرحم
الراحمين بطاعته باقتحامهم النار كيف لا يكون في وسعهم وهو إنما يأمرهم بذلك
لمصلحتهم ومنفعتهم)[1]
بل إن اقتحامهم
النار المفضية بهم إلى النجاة لا تختلف عن الكي الذي يحسم الداء، أو هي بمنزلة
تناول الداء الكريه الذي يعقب العافية.
فليس أمرهم
بدخول النار من باب العقوبة في شيء، لأن (الله تعالى اقتضت حكمته وحمده وغناه
ورحمته ألا يعذب من لا ذنب له، بل يتعالى ويتقدس عن ذلك كما يتعالى عما يناقض صفات
كماله، فالأمر باقتحام النار للخلاص منها هو عين الحكمة والرحمة والمصلحة، حتى لو
أنهم بادروا إليها طوعا واختيارا ورضي حيث علموا أن مرضاته في ذلك قبل أن يأمرهم
به لكان ذلك عين صلاحهم وسبب نجاتهم، فلم يفعلوا ذلك ولم يمتثلوا أمره، وقد تيقنوا
وعلموا أن فيه رضاه وصلاحهم، بل هان عليهم أمره وعزت عليهم أنفسهم أن يبذلوا له
منها هذا القدر الذي أمرهم به رحمة وإحسانا لا عقوبة)[2]