بل إن الله تعالى ضرب لنا المثل على ذلك بابن نوح عليه السلام الذي عاتب
الله فيه نوحا لكونه أراد التوسط لابنه، فقال له: ﴿يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ
مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين﴾ [هود:46]
هذا هو العدل الإلهي الذي ينسجم مع الكون جميعا، والذي نص عليه بصراحة ليس
فوقها صراحة قوله تعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا
سَعَى﴾ [النجم:39]
وهو الذي فهمه أولياء الله وربانيو هذه الأمة، وقد قال الشيخ محمد الغزالي
معبرا عن ذلك: (أيها الولد.. لو قرأت العلم مائة سنة، وجمعت ألف كتاب، لا تكون
مستعدا لرحمة الله تعالى إلا بالعمل لقوله تعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ
لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ [النجم:39]، وقوله تعالى: ﴿ فَمَن
كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110].. ودليل الأعمال أكثر من أن يحصى،
وإن كان العبد يبلغ الجنة بفضل الله تعالى وكرمه، لكن بعد أن يستعد بطاعته
وعبادته؛ لأن رحمة الله قريب من المحسنين)[2]
لكن النظرة العنصرية التي راحت تفرق بين الأمم والشعوب، راحت