من أخطر
المفاهيم التي تنتشر بين الكثيرمن الدعاة تصورهم أن الدين يفرض فرضا، ويلزم
إلزاما، وأن على المتلقي له أن يصيخ سمعه، ويمتد كالميت بين يدي الغسال عندما
يتحدث إليه الداعية، فلا يحرك لسانه ببنت شفة، ولا يقول له: لم.. ولا كيف.. ولا
غيرها من الأسئلة، فإن قال ذلك، فالويل له من سوط الداعية ولسانه البذيء وأحكامه
الممتلئة بالتعسف.
هذا حال
الكثير من الدعاة الحداد الشداد أصحاب الوجوه المكفهرة، واللسان السليط.. وهم
يتصورون أنفسهم دعاة لله.. وهم حجب عنه.. بل هم دعاة الشيطان.. فالشيطان يستعملهم
لتبغيض الخلق في الدين، وتنفيرهم منه.. ويستعملهم مع المغفلين ليحولهم من دين الله
إلى دينه، ومن قيم الشريعة إلى قيمه.
وسبب هذا
السلوك الخاطئ، بل الإجرامي هو هجر القرآن الكريم والسنة المطهرة، والرجوع للمشايخ
سواء كانوا سلفا أو خلفا.. والذين اتخذوهم أندادا من دون الله.
فالقرآن
الكريم ينهى عن فرض دين الله بالإلزام، أو بالتعسف والتشدد، بل يدعو إلى إقامة
الحجج والاكتفاء بالتبليغ، ثم ترك الأمر بعدها لصاحب العقل، ليستعمل عقله في تلك
الحجج، وقد يقتنع حينها، أو يقتنع بعدها، أو لا يقتنع أصلا.. وكل ذلك لا يهم
الداعية في شيء، لأن دوره أن يضع دين الله في قالب جميل ممتلئ بالعقلانية، وممتلئ
بالطهر والجمال.. وبعدها يترك الحرية للمدعو في أن يقبل ما عرض عليه أو يرفضه..
هو يتعامل في
ذلك تماما مثل الشركات المحترمة التي تسوق بضائعها بطريقة مهذبة، وتختار لإشهارها
أجمل العبارات، وتسوقها تسويقا لطيفا جميلا مملوءا