وقال: (.. وقال
عبد الله بن المبارك - الذي أجمعت فرق الأمة على إمامته وجلالته حتى قيل: إنه أمير
المؤمنين في كل شيء. وقيل: ما أخرجت خراسان مثل ابن المبارك وقد أخذ عن عامة علماء
وقته: مثل الثوري ومالك وأبي حنيفة والأوزاعي وطبقتهم - قيل له: بماذا نعرف ربنا؟
قال: بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه. وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة -
الملقب إمام الأئمة وهو ممن يعرج أصحاب الشافعي بما ينصره من مذهبه ويكاد يقال:
ليس فيهم أعلم بذلك منه -: من لم يقل: إن الله فوق سمواته على عرشه باين من خلقه:
وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على مزبلة؛ لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل
الملة ولا أهل الذمة وكان ماله فيئا)[1]
أما من
يسمونه الشيخ الأكبر، والذي قد يظن أنه ـ بسبب صوفيته ـ أكثر تسامحا مع المخالف،
فليس كذلك.. أو ليس كذلك في كل الأحيان، فمواريث السلفية التي استفادها من البيئة
التي عاش فيها كانت تطعم كشفه كل حين بما يناسبها.
ومن أمثلة
ذلك موقفه من الشيعة الذين كانوا يشكلون في عصره جزءا من البيئة الإسلامية، فقد
كان يمكنه أن يلاحظ القواسم المشتركة بينهم وبين سائر المسلمين، وكان يمكنه أن
يرجع لكتبهم ليعرف حقائهم وأسرارهم، وكان يمكنه أن يتعامل معهم بمثل تلك السماحة
التي تعامل بها مع أصحاب الأديان المختلفة، بل مع فرعون نفسه، لكنه لم يفعل،
واكتفى بالمعارف العامية البسيطة عنهم، وبما يغذيه به الكشف الذي لم يكن يعطيه إلا
ما تعطيه البيئة التي عاش فيها.
ومن أمثلة
ذلك نقله لما يقوله خصومهم من أنهم يقولون بأن الأحق بالنبوة هو علي، لا رسول الله
(صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فقال ـ عند كلامه على أهل البدع والأهواء ـ : (إن
الشياطين