وهم يتناسون
كل تلك الأوامر القرآنية الناهية عن الشقاق والخلاف بين المسلمين، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ
إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾
[الأنعام: 159]، فهذه الآية الكريمة تضع معيارا خطيرا للمنحرفين عن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وعن دينه الأصيل، وهو تفريق الدين، وتحويله إلى
شيع يحارب بعضها بعضها، ويفخر بعضها على بعض.
وقد علمنا
الله تعالى الموقف الصحيح الذي نقفه عند وقوع مثل هذا النزاع، فقال: ﴿وَإِنْ
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ
بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]، فالآية
الكريمة لا تشير إلى النزاع المسلح فقط، بل تشير معه إلى النزاع الأخطر وهو نزاع
الأفكار المختلطة بالأهواء.
فالواجب
الشرعي في كليهما ليس في تحريض طرف على طرف، وإنما في الصلح الذي نص القرآن الكريم
على وجوبه في كل حالة، فقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
[الحجرات: 10]
وهكذا أخبر
رسول الله a أن من أفضل الأعمال الصلح بين
المسلمين، ففي الحديث، قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات
البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: هي تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)[1]
هذه بشارة
رسول الله a .. ونحن نسعى أن يمن الله
علينا بتحقيقها حتى نغطي قصورنا في نوافل الصلاة والصيام والصدقات.. ونسأل الله أن
يتقبل منا.