وثالثها
موقفه من الأمة وخدمتها والحفاظ على وحدتها.
وهذه المواقف
نفسها يمكن امتحان مدعي الانتساب لأهل السنة فيها.. حتى يميز بين صحيح النسبة
للسنة، وبين المدعين، وما أكثرهم..
وعندما
نتعامل مع كل من السنة والشيعة على أساس هذا الامتحان، سنرى قصر المسافة بين السنة
والشيعة.. بل نرى أن المسافة تختزل لتصبح عدما أو وهما كبيرا استعمله الشيطان
ليفرق صف الأمة، ويزرع الشقاق بينها.
أولا: الموقف من القرآن الكريم،
ومدى تفعيله، والعمل بما فيه:
يعتقد الشيعة
ـ متسننهم ومبتدعهم ـ بأن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
أوصى في حديثه المتواتر المنقول في مصادر الفريقين بأمرين خطيرين سماهما لأجل
أهميتهما [ثقلين]، فقال: (إني تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، الثقلين
وأحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل
بيتي. ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)[1]
وفي رواية:
(أيها الناس. إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول من ربي فأجيب. وإني تارك فيكم
الثقلين. أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث
على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: وأهل بيتي. أذكركم الله في
[1] رواه
أبو داود وغيره، وللأسف فإن هذا الحديث مع وروده بلفظ (كتاب الله وعترتي) ومع كثرة
الروايات الواردة فيه بهذا المعنى استبدل بحديث آخر، وصار هو المعروف عند الناس،
وهو استبدال (عترتي) بلفظ (سنتي) مع أنه لم يرد في أي من الصحاح الست، وقد أخرج
الحديث بهذا اللفظ مالك بن أنس في موطئه ونقله مرسلا غير مسند، وأخذ عنه بعد ذلك
البعض كالطبري وابن هشام ونقلوه مرسلا كما ورد عن مالك.. مع العلم أنه في قانون
المحدثين لا يروى الحديث إلا بأصح صيغه، هذا في حال كون الصيغة المروية عن مالك
صحيحة باعتبار المحدثين لأنها مرسلة، ولكنه للأسف صار الحديث المرسل هو الأصل،
وصار الحديث المتواتر في حكم المكتوم، بل لو أن شخصا حدث به لاتهم في دينه.