لم أكن أظن في يوم من الأيام أن هذا الدين العظيم الذي جعله الله صمام أمان
هذه الأمة، وحافظ وحدتها، وموجه مسيرتها، ومصدر حضارتها يتحول بأيدي بعض الناس إلى
وسييلة للتفرقة والتشتت والتوحش والأحقاد إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أراد الله فيه
أن يكشف لعيني هذه الحقيقة، لأراها عيانا، وليس الخبر كالعيان.
في ذلك اليوم أدركت سر قوله تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]، وأن من معانيها الكبرى أن حقائق هذا الدين
التي تمثلت في القرآن الكريم لا يمكن أن يستوعبها أو يدركها إلا من طهر باطن من كل
كبر يصرفه عن الحق، أو غروره يبعده عنه.
وفي ذلك اليوم أيضا أدركت سر قوله تعالى في أول سورة البقرة: ﴿ذَلِكَ
الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2]، والتي
تشير بوضوح إلى أن الهداية الإلهية محصورة في الأتقياء الذين صفوا بواطنهم من
الأحقاد والضغائن كما صفوا ظواهرهم من الصغائر والكبائر.
وعرفت كذلك سر قوله تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ
يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا
يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا
وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ﴾ [الأعراف: 146]،
وأن المراد منها هو حجاب المتكبر.. كل متكبر عن فهم آيات الله، أو إدراك أسرارها..
فالكبر هو الحجاب الأعظم الحائل بين العبد وربه، كما أنه الحجاب الحائل بين العقل
وتلقي الحقائق الإلهية.
في ذلك اليوم حضرنا إلى المجلس العلمي لوزارة الأوقاف في بلد لا أسميه،
ولكنه قد يكون أمثاله موجودين في كل الأقطار الإسلامية.. وكان الملف المطروح
للمناقشة حينها هو النظر في تزكية شخص واحد لحضور مؤتمر دولي للتعريف بالأديان
العالمية الكبرى.. بالإضافة لتوليه عضوية مكتب تابع للأمم المتحدة، يكون كمستشار
لها في التعريف