وفي ذلك الحين بث شكواه لربه بقوله: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي،
وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟
إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن
عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرفت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا
والآخرة، من أن تُنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا
قوة إلا بالله)( )
ثم ذكر كيف لاقاه بعدها بقرن الثعالب جبريل – عليه السلام- فناداه قائلا: (إن الله
قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت
فيهم)، وكيف ناداه ، فسلم عليه ثم قال: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين،
فقال النبي : (بل
أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشركُ به شيئًا)( )
كانت كلماته تتحول أمامي إلى مشاهد حية أعيشها، وكأنني كنت مع رسول الله في ذلك الحين،
أرى تلك المعاناة العظيمة التي كان يتكبدها، وهو يبلغ دعوة ربه.
من غير شعور مني، رحت أخاطب رسول الله ، وأقول: (يا رسول الله.. يا خير خلق الله.. يا أكرم الخلق على
الله)
فجأة رأيت الناس يلتفون حولي يضربونني بأقدامهم ونعالهم، ويخرجونني من
المسجد، ثم يقولون للإمام: لقد ضبطنا هذا المشرك، وهو يدعو رسول الله في المسجد، لا
يبالي بحرمته، ولا حرمة هذه البلدة المعظمة التي تشرفت برسول الله .. وكأنه يريد أن
يعيدها إلى ما كانت عليه قبل شيخنا محمد بن عبد الوهاب.