وهذان
المنهجان [التفويض والتأويل] كلاهما منكران عند السلفية كما ذكرنا ذلك سابقا، بل
يعتبرون التفويض أشد بدعة وضلالا من التأويل.
وبناء على
هذا أول الماتريدية الاستواء، الذي يعتبر السلفية تأويله تعطيلا وتجهما، قال الماتريدي: (وأما الأصل عندنا في ذلك
أن الله تعالى قال ليس كمثله شيء، فنفى عن نفسه شبه خلقه، وقد بينا أنه في فعله
وصفته متعال عن الأشباه، فيجب القول بـ(الرحمن
على العرش استوى)على ما جاء به التنزيل، وثبت ذلك في العقل،
ثم لا نقطع تأويله على شيء،
لاحتماله غيره مما ذكرنا، واحتماله أيضا ما لم يبلغنا مما يعلم أنه غير محتمل شبه
الخلق، ونؤمن بما أراد الله به، وكذلك في كل أمر ثبت التنزيل فيه، نحو الرؤية وغير
ذلك، يجب نفي الشبه عنه، والإيمان بما أراده من غير تحقيق على شيء دون شيء)[2]
ومثله قال
الجرجاني: (.. ولا يجوز التعويل في إثباته - أي الاستواء- على الظاهر من الآيات
والأحاديث مع قيام الاحتمال المذكور، هو أن المراد به الاستيلاء)[3]، وقال: (والحق أنها ـ أي الدلائل النقلية
ـ قد تفيد اليقين في الشرعيات، نعم في إفادتها في العقليات نظر.. فلا جرم كانت
إفادتها في العقليات محل نظر وتأمل)[4]
وهكذا أول البزدوي
الكثير مما يسميه السلفية صفات أفعال، ويكفرون من أولها، ويسمونه معطلا، فقال في
مسألة تحت عنوان (أن الله لا
يشبه شيئا ولا يشبهه شيء):