وهكذا حول ابن تيمية هذا الشيخ
الصالح الذي استطاع أن يخلص المجرمين من إجرامهم بتلك الوسائل الشرعية المباحة
التي استعملها، إلى أن مبتدع وضال.. لأن كل مبتدع عندهم ضال، وكل ضال في النار.
بل إنه أومأ إلى اتهامه في نيته
نفسها بأن يكون قصده الرئاسة عليهم، وقد استدل لذلك بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ
كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ
بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 34]
ولم يستند في هذا إلى حجة عقلية
أو نقلية، وإنما كل حججه هي أولئك السلف المعصومين الذين أحل بهم السلفية ما حرم
الله، وحرموا بهم ما أحل الله، يقول ابن تيمية: (ولم يكن في السلف الأول سماع
يجتمع عليه أهل الخير إلا هذا. لا بالحجاز، ولا باليمن، ولا بالشام ولا بمصر
والعراق وخراسان والمغرب، وإنما حدث السماع المبتدع بعد ذلك)[2]
وبما أن الصوفية في ذلك الحين،
وفي كل بلاد العالم الإسلامي كانوا يعتمدون السماع والغناء كوسيلة من وسائل جذب
القلوب والأرواح لله.. فإن ابن تيمية حرم هذه الوسيلة العظيمة، كما حرم كل وسيلة
غيرها.
بل إنه أباح السماع والغناء إذا
كان في الأعراس ونحوها من باب اللهو واللعب، أما أن يتحول إلى وسيلة للتعبد، فلم
ير صحة ذلك، بل وقف في وجهه، كما يقف السلفية كل حين في وجه كل مشروع لخدمة الأمة
ورقيها.
يقول ابن تيمية: (وقول السائل
وغيره: هل هو حلال؟ أو حرام؟ لفظ مجمل فيه