وبناء على
هذا جاءت تعبيراتهم الكثيرة في الحكم بالكفر على من أنكر أي صفة من تلك الصفات،
وقد نقل الذهبي عن معمر بن أحمد بن زياد الأصبهاني (توفي 418 هـ) بعد سرده لبعض ما
أجمع عليه أهل الحديث والأثر من أن (..الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا
تأويل والاستواء معقول والكيف مجهول وأنه بائن من خلقه والخلق بائنون منه فلا حلول
ولا ممازجة ولا ملاصقة وأنه سميع بصير عليم خبير يتكلم ويرضى ويسخط ويعجب ويضحك
ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا بلا كيف ولا
تأويل كيف شاء فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال)[1]
وقد عقد
الدارمي بابا خاصا بهذا في كتابه [الرد على الجهمية ] بعنوان [باب الاحتجاج في
إكفار الجهمية][2] قال في مقدمته: (ناظرني رجل ببغداد،
منافحا عن هؤلاء الجهمية فقال لي: بأية حجة تكفرون هؤلاء الجهمية، وقد نهى عن
إكفار أهل القبلة؟ بكتاب ناطق تكفرونهم؟ أم بأثر، أم بإجماع؟ فقلت: ما الجهمية
عندنا من أهل القبلة، وما نكفرهم إلا بكتاب مسطور، وأثر مأثور، وكفر مشهور. أما
الكتاب؛ فما أخبر الله - عز وجل - عن مشركي قريش، من تكذيبهم بالقرآن، فكان من أشد
ما أخبر عنهم من التكذيب؛ أنهم قالوا: هو مخلوق، كما قالت الجهمية سواء)[3]
وهكذا راح
يستعرض الآيات القرآنية التي وردت في تكذيب المشركين للقرآن الكريم ورسول الله k ليطبقها على المسلمين الذين نزهوا الله عن الحرف
والصوت، ليحكم عليهم جميعا حكما واحدا بالكفر، ثم قال: (ونكفرهم أيضا بكفر مشهور؛
وهو