ثم إن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أخبر بأن أعمال أمته تعرض عليه، وأنه
يدعو لهم، فقال a:(حياتي خير لكم تحدثون ويحدث
لكم، فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم، تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيرا حمدت الله
تعالى وإن رأيت شرا استغفرت لكم)[1]
فإن شك في هذا الحديث، فقد
قال تعالى:﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة:105)
فإن قيل: بأن هذه رؤية وليست
دعاء أو شفاعة، فنقول: إن كان الله تعالى أخبر بدعوة الملائكة ـ عليهم السلام ـ
للمؤمنين، كما قال تعالى:﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ
حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ
لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾
(غافر:7)، فإن كان هذا مع حملة العرش، فكيف برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ومع أمته التي كلف بها، وهو أحرص الخلق
عليها؟
وقد أخبر a أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من
الأقرباء والعشائر في البرزخ، فقال a:(إن
أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيراً استبشروا به، وإن
كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا)[2]
فإن جاز هذا للعشائر
والأقارب، وهم أفراد من الأمة، فكيف لا يجوز لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهو أحن على أمته من آبائهم، وأمهاتهم،
وقد قال تعالى:﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ (الأحزاب: 6)
[1] قال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (9/
24): رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
[2] قال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/
327): رواه الطبراني في الكبير والأوسط.