وقال: (وإذا
أنكر هذا الصنف علو الله على خلقه فهم كفار، لأن الله تعالى في أعلى عليين، وأنه
يدعى من أعلى لا من أسفل، ومن زعم أن الاستواء بمعنى الاستيلاء أو القدرة على
الأشياء كما تقوله الجهمية فقد جحد علو الله على خلقه، لأن الله مستول على الأشياء
كلها وقادر عليها فلو كان مستويا على العرش بمعنى الاستيلاء وهو عز وجل مستول على
الأشياء كلها لكان مستويا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقذار
لأنه قادر على الأشياء مستول عليه، وإذا كان قادرا على الأشياء كلها ولم يجز عند
أحد من المسلمين أن يقولوا إن الله مستو على الحشوش والأخلية لم يجز أن يكون
الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها ووجب أن يكون معنى
الاستواء يختص العرش دون الأشياء كلها وقد كان من المعلوم بالضرورة أن الاستواء هو
العلو والارتفاع على العرش وعلى جميع المخلوقات فمن زعم أن الاستواء بمعنى
الاستيلاء أو غير ذلك من تفاسير الجهمية فقد جحد علو الله على خلقه واستواءه على
عرشه ولا ينفعه الإقرار بلفظ الاستواء على العرش مع جحود معناه وصرفه عن ظاهره وما
يليق به إلى ما لا يليق به، فإذا تبين لك هذا علمت أن هذا الصنف هم جهال المقلدين
للجهمية وأنه لا خلاف في تكفيرهم)[2]
وقال: (إذا
عرفت هذا فمسألة علو الله على خلقه من المسائل الجلية الظاهرة ومما علم بالضرورة
فإن الله قد وضحها في كتابه وعلى لسان رسوله وهي مما فطر الله عليها جميع خلقه إلا
من اجتالته الشياطين عن فطرته واتبع هواه وأخلد إلى الأرض وكلام شيخ الإسلام إنما
يعرفه ويدريه من مارس كلامه وعرف أصوله فإنه قد صرح في