مذهب جمهور السلف وبعض
المتكلمين أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى وأن ظاهرها المتعارف في حقنا
غير مراد.. ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن
الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق.. والثاني مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من
السلف وهو محكي هنا عن مالك والأوزاعي أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها
فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين: أحدهما تأويل مالك بن أنس وغيره معناه تنزل
رحمته وأمره وملائكته كما يقال فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره، والثاني
أنه على الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف)[1]
وقد علق عليه بذكر كلام السلف
في منكر النزول، واعتباره جهميا، ثم قال: (سبق بيان بطلان الزعم أن مذهب السلف
التفويض وزاد هنا بلية أخرى وهي قوله (مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق
وعن الانتقال والحركات)، وهذا كذب آخر على السلف فإن الحركة قد أثبتها عامة السلف والقول بنفيها هو المشهور عند الجهمية ومن
وافقهم، يقول حرب الكرماني في
السنة: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أوعاب قائلها فهو مبتدع
خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم
بن مخلد، وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا
عنهم العلم فكان من قولهم... والله تبارك وتعالى سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم
لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى،