وقال:(واعلم أننا لا ننازعهم في المعنى) [1]، ولهذا قال أبو محمد بن قدامة:(ومدار
القوم –يعني الأشاعرة - على القول بخلق القرآن ووفاق المعتزلة، ولكنهم أحبوا أن لا يعلم بهم فارتكبوا مكابرة العيان، وجحد الحقائق، ومخالفة الإجماع، ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهورهم، والقول بشئ لم يقله قبلهم مسلم ولا كافر، ومن العجب أنهم لا يتجاسرون على إظهار قولهم ولا التصريح به إلا
في الخلوات ولو أنهم ولاة الأمر وأرباب الدولة) [2])[3]
وهذا القول وحده في إدانة
الشاطبي ـ على حسب الرؤية السلفية العتقية والجديدة ـ فالنصوص عندهم في تجريم
وتكفير من يقول بخلق القرآن لا عد لها ولا حصر، وقد قال ابن تيمية -مخاطباً
الأشاعرة-:(وكذلك قولكم في القرآن، فإنه لما اشتهر عند الخاص والعام أن مذهب السلف
أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأنهم أنكروا على الجهمية المعتزلة وغيرهم من
الذين قالوا القرآن مخلوق حتى كفروهم، وصبر الأئمة على امتحان الجهمية مدة
استيلائهم حتى نصر الله أهل السنة وأطفأ الفتنة، فتظاهرتم بالرد على المعتزلة
وموافقة السنة والجماعة، وانتسبتم إلى أئمة السنة في ذلك، وعند التحقيق: فأنتم
موافقون للمعتزلة من وجه، ومخالفوهم من وجه، وما اختلفتم فيه أنتم وهم فأنتم أقرب
إلى السنة من وجه، وهم أقرب إلى السنة من وجه، وقولهم أفسد في العقل والدين من وجه،
وقولكم أفسد في العقل والدين من وجه) [4]
وما دام الأمر بهذه الصورة،
والمعتزلة والأشاعرة متفقان فيها، فلم يكفر المعتزلة
[1]
انظر (المحصل) ص 172،173، و (درء
تعارض العقل والنقل) 7/237.
[2]
حكاية المناظرة في القرآن، ص
34،وانظر: (الرد على من أنكر الحرف والصوت) ص137،181.