وربما يتوهم البعض أن في العذر
الذي ذكره ما ينفي عن السلفية التكفير، وردا عليه نورد ما قال صاحب الرسالة نفسها،
فقد اعتبر العذر في (الجنون وعدم البلوغ أو عدم القدرة على البحث أو كان ممن لا
يفهم مدلول الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له وهو المراد بقول ابن القيم (ومقلد لم
يتمكن من العلم) وبقول الشيخ عبداللطيف: (إذا تمكنوا من طلب العلم ومعرفته وتأهلوا
لذلك)
وبذلك فإنه لا عذر للأمة جميعا
بهذا الاعتبار إلا صبيانها ومجانينها.. أما من عداهم، فحكمهم حكم من يتبعونهم من
العلماء، وهو الكفر والشرك، كما كفر ابن فيروز وغيره، وكفر معهم قومهم.
وحتى الصبيان، فإنهم عند
السلفية في خطر، فقد سئل أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب عبدالله وحسين عن حكم من
مات قبل ظهور دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب، فأجابوا: (من مات من أهل الشرك قبل بلوغ
هذه الدعوة فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفاً بفعل الشرك ويدين به، ومات على
ذلك فهذا ظاهره أنه مات على الكفر فلا يدعى له ولايضحى له ولايتصدق عنه، وأما
حقيقة أمره فإلى الله تعالى فإن قامت عليه الحجة في حياته وعاند فهذا كافر في
الظاهر والباطن وإن لم تقم عليه الحجة في حياته فأمره إلى الله)[2]
وحتى نبين أن هذا التكفير
الجماعي للمسلمين ليس وليد فكر ابن عبد الوهاب وتلاميذه فقط، بل هو وليد كل التراث
السلفي وخصوصا ابن تيمية، الذي نقل عنه الشيخ
[1]
تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة
وفهم الحجة، ص26.
[2]
الدرر السنية:(10/ 142)، والرد على
جريدة القبلة للشيخ سليمان بن سحمان: ص (20، 21)