ولا زال السلفية إلى اليوم
يصرون على تكفير هذا العلم الجليل مع أن أقواله وآراءه التي كفر على أساسها لا
تختلف عن سائر أقوال وآراء كل العلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم.. فكيف بعد ذلك
يذكرون أنهم لا يكفرون.. وهل يصح أن يكفر شخص لسبب، ثم يعفى عن آخر يرتكب نفس
السبب؟.. وهل هذا الأمر دين، أم أنه مزاج شخصي، فيكفرون من شاءوا، متى شاءوا،
ويسكتون على من شاءوا متى شاءوا؟
ومن الأمثلة على ذلك قول الشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي
العبد اللطيف، وهو عندهم من المعتدلين، بل من المميعين للمنهج السلفي ـ كما يذكرون
ـ فقد قال في كتابه الذي خصصه للدفاع عن ابن عبد الوهاب: (ومن أشد خصوم هذه الدعوة
وأكثرهم عناداً ومناهضة، عبد الله بن عيسى المويس (ت 1175هـ)، ومعاداته وخصومته
ظاهرة جلية - من خلال رسائل الشيخ.. يقول ابن حميد في (السحب الوابلة)(وكان ممن
أنكر على ابن عبد الوهاب وعلى أتباعه في ابتداء دعوتهم)[1]
وهذا تبرير عجيب، فهل أصبحت
كتابة الكتب والرسائل التي تنتصر لعامة المسلمين، وتبين أن ما هم فيه ليس شركا،
تهمة تصل بصاحبها إلى الشرك والردة.. فما دام الأمر كذلك، فلم يتوقف هذا الكاتب
نفسه عن تكفير من عداه من العلماء، وقد وقعوا في نفس ما وقع فيه.. ولكن التقية
تدعوهم إلى ذلك، وإلا فإنهم في قرارة نفوسهم وفي بطون كتبهم وفي خطبهم ودروسهم
ومقرراتهم ليسوا سوى مكفرة لكل الأمة من دون اسثناء..
ومن الأعلام الذين نص ابن عبد
الوهاب على تكفيره لهم الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن عفالق (ت 1164هـ)، وقد كان من كبار العلماء في ذلك الوقت، وكان
ماهرا
[1]
دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن
عبد الوهاب عرض ونقض، ص32.