بل لا ينسجم أيضا مع ما ورد في السنة المطهرة من مفهوم المعية، فقد روي أن رجلا جاء رجل إلى النبي a فقال: يا رسول الله: إنك لأحبُّ إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرتُ موتي وموتك وعرفتُ أنك إذا دخلتَ الجنة رُفعتَ مع النبيئين، وإني إذا دخلتُ الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يردَّ النبي a حتى نزل جبريل بهذه الآية: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69][1]

وعن أنس قال: (بينا أنا ورسول الله a خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال رسول الله a: ( ما أعددت لها ؟) قال: (ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله)، قال:(فأنت مع من أحببت)[2]

فهذا الحديث الشريف يربط المعية برسول الله a بمحبته.. فكل من أحبه، فهو معه، كان في زمانه a، أو لم يكن في زمانه.

ومن تلك الأحاديث الحديث العظيم المشهور الذي يظهر يد رسول الله a الشريفة، وهي تمتد إلى قلوب أمته من بعده.. ففي الحديث الذي تهتز له قلوب الأولياء أن رسول الله a قال: (وددت أني لقيت إخواني)، فقال له أصحابه: أوليس نحن إخوانك؟ قال: (أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني)[3]

وفي رواية: (ومتى ألقى إخواني؟)، قالوا: يا رسول الله، ألسنا إخوانك؟ قال: (بل

[1] فال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 7): رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي، وهو ثقة..

[2] المعجم الكبير للطبراني، 3/242 رقم3282، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، 10/280.

[3] أحمد 3/155 (12607)، وانظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (10/ 66)