نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103
ولو أن هذا
العقل اكتفى بما ورد في القرآن الكريم عن خلق الملائكة، وسلم أمره لله فيهم، وعلم
أن عقله مطالب بأن يسير في مناكب الأرض ليعمرها، ويملأها هداية وصلاحا لكف عن كل
هذا الغثاء الذي شوه به الدين.
وقد أشار الحافظ
ابن رجب الحنبلي (المتوفى 795 ) ـ مع سلفيته المختلطة بالتصوف ـ إلى هذه الظاهرة
الخطيرة، فقال في كتابه (فضل علم السلف على الخلف) منتقدا لها: (وقد فتن كثير من
المتأخرين بهذا - أي بكثرة الكلام - فظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل
الدين، فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذا جهل محض! وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم،
كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت، كيف كانوا: كلامهم أقل
من كلام ابن عباس، وهم أعلم منه. وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة،
والصحابة أعلم منهم، وكذلك تابعو التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين،
والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية، ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يقذف
في القلب، يفهم به العبد الحق، ويميز به بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات
وجيزة محصلة للمقاصد. وقد كان النبي k أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام
اختصارا، ولهذا ورد النهي عن كثرة الكلام، والتوسع في القيل والقال. وقد ابتلينا
بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم،
فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم، لكثرة بيانه
ومقاله، ومنهم من يقول: هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين، وهذا يلزم منه ما
قبله، لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولا ممن كان قبلهم، فإذا كان من
بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله، كانوا هم أعلم ممن كان أقل منهم قولا بطريق أولى،
كثالوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وطبقتهم، وممن قبلهم من التابعين والصحابة
أيضا، فإن هؤلاء كلهم أقل كلاما ممن جاء بعدهم. وهذا
نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103