نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 70
4 ـ إنّه
سبحانه يبيّـن أنّ وسوسة الشيطان لهما لم يكن إلاّ لإبداء ما وُرى عنهما من
سوءاتهما حيث يقول: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا
مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا ﴾ [الأعراف: 20] وهذا يكشف عن أنّ
ما يترتب على الوسوسة ومخالفة آدم (ع) بعدها لم
يكن إلاّ إبداء ما وُري عنهما من السوأة، الذي هو أثر طبيعي للعمل من دون أن يكون
له أثر آخر من ابتعاده عن لطفه سبحانه، وحرمانه عن قربه، الذي هو أثر المخالفة
للخطابات المولوية.
5 ـ إنّه
سبحانه يحكي أنّ وسوسة الشيطان لهما كانت بصورة النصح والإرشاد حيث قال: (
وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) وهذا يكشف عن أنّ خطابه
سبحانه إليهما كان بصورة النصح أيضاً، وهذا واضح لمَن له أدنى إلمام بأساليب
الكلام.
6 ـ أنّ
الظرف الذي تلقّى فيه آدم هذا النهي ( النهي عن الأكل من الشجرة ) لم يكن ظرف
تكليف حتى تُعدّ مخالفته عصياناً لمقتضاه، فإنّ ظرف التكليف هو المحيط الذي هبط
إليه مع زوجته بعد رفض النصح، أمّا ذلك المحيط فكان مُعدّاً لتبصير الإنسان
بأعدائه وأصدقائه، ودورة تعليمية لمشاهدة نتائج الطاعة وآثار المخالفة، أي ما
يترتّب على قبول قوله سبحانه من السعادة، وما يترتّب على قبول قول إبليس من الشقاء،
وفي مثل ذلك المحيط لا يُعدّ النهي ولا الأمر تكليفاً، بل يُعد وسيلة للتبصير
وتحصيل الاستعداد لتحمّل التكاليف في المستقبل، وكانت تلك الدورة من الحياة دورة
إعدادية لأبي البشر وأُمّهم، حتى يلمس الحقائق لمس اليد.
فهذه القرائن
التي ذكرها السبحاني وغيرها تدل بوضوح على أنّ النهي في هذا المقام كان نهياً
إرشادياً لا مولوياً، وكان الهدف تبقية آدم (ع) بعيداً عن عوامل الشقاء والتعب، ولكنّه لم يسمع قول ناصحه فعرّض نفسه
للشقاء، وصار مستحقّاً لأن يخاطب بقوله سبحانه: (﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾
نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 70