نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 114
وقد كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ـ
كما يصورهم القرآن الكريم ـ أول من اتصف بهذه الصفات، بل أول من أعطى المثل الأعلى
فيها، لأن أرواحهم كانت معلقة بربهم، لا تهيم في غيره، ولا تطلب سواه، ولذلك كانت
حركاتهم كلها لله..
ولذلك أيضا
لم يبالوا بكل أولئك المستكبرين الذين وقفوا في وجه دعوتهم، بل صرخوا فيهم كما صرخ
إبراهيم (ع) بكل قوة: ﴿أَتُحَاجُّونِّي فِي
اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ
رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ
بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ
أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: 80، 81]
بل إن القرآن
الكريم ذكر لنا مثالا عن تضحية الأنبياء، واستسلامهم لأمر الله في حياتهم ومماتهم،
عندما ذكر لنا قصة إبراهيم (ع)، وإقدامه على ذبح ابنه إسماعيل لمجرد
رؤيا رآها علم أنها وحي لله، ولم يكن موقف ابنه النبي بأقل من موقفه.. لأنه ـ
ومباشرة بعد طرح الأمر عليه، ومن غير تردد ولا تفكير ـ طلب من أبيه أن ينفذ أمر
الله، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ
أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا
وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ
صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا
لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾
[الصافات: 99 - 107]
فهل يمكن لمن
هذا حاله أن يكون فيه ذرة حرص على حياة، أو ذرة اعتراض على الله بسبب تقدير الموت
عليه؟
هذه هي
الرؤية القرآنية، وهي نفسها الرؤية السلفية المرتبطة بغير الأنبياء من
نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 114