نام کتاب : السلفية والوثنية المقدسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 85
استويت فوق الدابة واستويت فوق البيت، وقال غيره: استوى: أي انتهى شبابه
واستقر فلم يكن في شبابه مزيد"[1].
بعد هذا، فقد اجتهد محققو السلفية في توضيح كل ما يرتبط بالمكان الذي
يوجد فيه العرش، وبناء على ذلك وضعوا خارطة كونية عجيبة، يمكن إرسالها للوكالات
الفضائية العالمية لتؤسس من خلالها لعلم فلك أكثر تطورا.
وسأسوق هنا كلام ابن تيمية في تفصيل هذه الخارطة، وذلك في رسالته التي
خصصها لهذا الغرض، والتي أجاب فيها على هذه التساؤلات: (ما تقول في العرش هل هو
كرى أم لا؟ وإذا كان كرياً والله من ورائه محيط به بائن عنه، فما فائدة أن العبد
يتوجه إلى الله تعالى حين دعائه وعبادته، فيقصد العلو دون غيره، ولا فرق حينئذ وقت
الدعاء بين قصد جهة العلو، وغيرها من الجهات التي تحيط بالداعي؟ ومع هذا نجد في
قلوبنا قصداً يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها
في قلوبنا، وقد فطرنا عليها) [2]
وقد أجاب ابن تيمية جوابا مفصلا طويلا نقتصر منه على هذا التحقيق البديع،
قال: (لا يخلو إما أن يكون العرش كريا كالأفلاك، ويكون محيطاً بها، وإما أن يكون
فوقها وليس هو كريا، فإن كان الأول، فمن المعلوم باتفاق من يعلم هذا أن الأفلاك
مستديرة كرية الشكل، وأن الجهة العليا هي جهة المحيط، وهي المحدب، وأن الجهة السفلى
هو المركز، وليس للأفلاك إلاجهتان: العلو والسفل فقط، وأما الجهات الست فهي للحيوان،
فإن له ست جوانب.. لكن جهة العلو والسفل للأفلاك لا تتغير، فالمحيط هو العلو
والمركز هو السفل، مع أن وجه الأرض التي وضعها الله للأنام، وأرساها بالجبال، هو
الذي عليه الناس والبهائم