نام کتاب : السلفية والوثنية المقدسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 198
وبعبارة واضحة: أن العقل والنقل اتفقا على كونه سبحانه ليس بجسم ولا
جسماني ولا في جهة،والرؤية فرع كون الشيء في جهة خاصة،وما شأنه هذا لا يتعلق إلا
بالمحسوس لا بالمجرد.
وهكذا نرى اتفاق العقل مع القرآن الكريم في تحقيق استحالة الرؤية الحسية،
ولهذا يحمل كل نص ورد بالرؤية على الرؤية القلبية التي اتفق المنزهة من هذه الأمة
بمذاهبهم المختلفة على أنها الرؤية الوحيدة الممكنة، لأنها رؤية تتوجه إلى المعاني
لا إلى الحس، وإلى اللطائف لا إلى الكثافات.
ولهذا أجاب الإمام علي الحبر الذي سأله: هل رأيت ربك حين عبدته؟ فقال: (ويلك
ما كنت أعبد ربّا لم أره)، قال: وكيف رأيته؟ فقال: (ويلك لا تدركه العيون في
مشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان)[1]
وسئل الصادق: هل يرى الله في المعاد؟ فقال: (سبحانه وتعالى عن ذلك علوّا
ً كبيرا ًَ، إن الأبصار لا تدرك إلّا ما له لون وكيفيّة، والله خالق الألوان
والكيفيّة)[2]
وسئل الإمام الرضا: جعلت فداك، أخبرني عمّا اختلف فيه الناس من الرؤية، فقال
(:من وصف الله بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على لله، قال الله تعالى: ﴿لَا
تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103] [3]
ونحب أن نبين هنا أن ما اشتهر في الواقع من أن نفي الرؤية الحسية مرتبط
بالمعتزلة والإمامية والزيدية والإباضية فقط.. وأن الأشاعرة وغيرهم يثبتون هذا
النوع من الرؤية كلام غير دقيق، ولا صحيح.