نام کتاب : السلفية والوثنية المقدسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 170
أشار ابن عطاء الله إلى ذلك في قوله: (اخرج من أوصاف بشريّتك عن كلّ وصف
مناقض لعبوديّتك، لتكون لنداء الحقّ مجيبا، و من حضرته قريبا)
وقال ابن عجيبة معلقا عليه: (إذا تخلص من رق الشهوات و الحظوظ، كان قريبا
من حضرة الحق، بل عاكفا فيها، إذ ما أخرجنا عن الحضرة إلا حبّ هذه الخيالات
الوهمية فإذا تحررنا منها و تحققنا بالعبودية وجدنا أنفسنا في الحضرة)[1]
وهذا الذي ذكره العارفون إنما استمدوه من القرآن الكريم، ومما يقتضيه
العقل السليم.. فالعقل يصنف الأشياء بحسب أنواعها لا بحسب قربها وبعدها عن بعضها
.. فالذهب يبقى شقيقا للذهب حتى لو باعدت بينهما المسافة.. وهكذا ولله المثل
الأعلى يكون القرب من الكمال بحسب الكمال المطاق.
وبناء على هذه النظرة التنزيهية فإن أقرب الخلق إلى الله رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، لأنه أكملهم، وأكثرهم معرفة
به، وهو سيد المقربين من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين كما دلت على ذلك
النصوص الكثيرة.
وهكذا، وبناء عليه يكون القرب من الله تعالى.. فأقرب الخلق إلى الله
أقربهم رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
.. وقد أشار a إلى أن ميزان
القرب منه هو الأخلاق، وليس الزمان ولا المكان، كما قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن من
أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون)[2]
فهذا الحديث يحدد حسن الخلق مقياسا لمكانة المؤمن من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وهو مما لا علاقة له لا
بالمكان، ولا بالزمان.
هذه هي النظرة التنزيهية للقرب والبعد في مجالاته المختلفة .. لكن النظرة
التجسيمية