في ثمان وأربعين سورة نسخت الكل بقوله: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.. )[1]
بعد أن انتهى الشيخ من حديثه، وبعد أن ألغى في وقت قصير كل ما دعا إليه القرآن الكريم من سماحة وسلام ولطف وأدب.. خرجت من المدرسة وأنا ممتلئ ألما..
وأمام بابها وجدت تلميذين يختصمان، وحولهما جمع من التلاميذ، فتقربت منهما أبغي الإصلاح بينهما..
قلت لأشدهما، وقد رأيته آخذا بتلابيب صاحبه: دعه، فأنت تراه هزيلا ضعيفا لا يستطيع أن يقاومك.
قال لي: ما دام كذلك.. فكيف يتجرأ علي، ويتحدث أمامي بما يسوؤني.
قلت: لا بأس.. اعف عنه.. لقد أمرنا الله تعالى بذلك، فقال: { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } [الحجر: 85]
ترك تلابيب صاحبه، ومد يده إلى تلابيبي، وهو يقول: ويلك.. أتعمد إلى آية منسوخة تريد أن تجادلني بها.. اذهب وإلا طبقت عليك آية السيف.
ثم أطلق يدي، فأهرعت مسرعا إلى بيتي، وأنا ألتفت خلفي كل حين خشية أن يلحق بي بسيفه.
[1] الناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: 12)