responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 443

السببي السائد في الكون، يرجع في مآله إلى قوة عليا، وينتهي إلى مبدأ أعلى هو علّة العلل، وهو مسبب الأسباب، وهو موجد ذلك النظام العلّي.

فالإنسان إذا أطلّ على هذا الكون، وشاهد مافيه من أنظمة بسيطة وأُخرى معقدة تنظم ظواهر الطبيعة، وتسير على وفقها جميع الحوادث بانتظام، ودون فوضى أو عبثية جرته هذه النظرة الفاحصة، إلى الاعتقاد بقوة مدبّرة منظمة خالقة وراء هذا الكون العظيم، ونظامه البديع، هو الّذي أوجد الكون، وأرسى فيه السنن.

فالاعتقاد بذلك الخالق القادر المدبّر وليد الاعتقاد بالنظام السببي العلّي، والإيمان بالعلل الطبيعية لا إنكارها وتجاهلها كما زعم أوتوهّم أصحاب هذه الفرضية من الماديّين، واتّهموا به الإلهيّين.

وبعبارة أُخرى: انّ الإلهي لا يثبت وجود الله عند عدم العلم بعلل الحوادث وعند المبهمات والغوامض، بل يعتقد به عندما يقف على النظم الكونية السائدة، والأُمور الواضحة السياق، البيّنة النظام، فطريقه إلى الإذعان والإيمان بوجوده هو ما يشاهده من التنسيق والانسجام، والترابط والنظام، لا ما قد يصادفه من الفوضى والعشوائية.

ولذلك نرى المشتغل بدراسة الطبيعة المهتم بعالم الأحياء كلّما ازداد علماً بأسرار الكون، ووعياً وإدراكاً لقوانينه ازداد إيماناً ويقيناً بوجود الخالق، الموجد لتلك القوانين، الخالق لتلك السنن، فتقدّم العلم والإدراك والاكتشاف يخدم هذا الاعتقاد لا أنّه يهدده أو يزعزعه لأنّه كان ولا يزال الطريق المنطقي إلى هذا الإيمان.

ولهذا فليس الإلهي هو من يبحث عن وجود الإله فيما يجهل علله وأسبابه، وهو الّذي لم يزل ـ منذ أوّل الهي وإلى الآن ـ يستدلّ على وجود الخالق المدبّر بالأنظمة السائدة في الكون من دقيقها إلى جليلها، فكيف يعزى إليه أنّه يثبت وجود الله ويعتقد به بما يجهل فيه الأسباب والعلل الطبيعية من الظواهر الكونية؟

نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 443
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست