نام کتاب : الحياة تصميم لا صدفة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 183
يخفى عليكم أني في بداية أمري كنت من
القائلين بنظرية التطور، شأني في ذلك شأن كل تلك الأجيال التي لم تدرس غيرها، ولم
تعرف من النظريات سواها.. فقد كانت تدرس لنا مثلما تدرس التربية الدينية في
المدارس المحافظة أو التابعة للكنيسة.
ولهذا كنت لا أتصور أن ينقض العلم في
يوم من الأيام تلك المفاهيم التي تصورناها حقائق مطلقة، لا يمكن نقدها، مع أنها
كانت مملوءة بالثغرات التي يسهل على أي عاقل أن يكتشفها.
وتبدأ قصة اصطدامي بهذه النظرية، وتخلخل
يقيني المرتبط بها إلى ذلك اليوم الذي كنت جالسا فيه في عربة قطار مسافرا إلى
مدينة تبعد كثيرا عن مدينتي.. وهناك رأيت عالما شابا من علماء الحياة يحدث شيخا
كبيرا يبدو أنه بعض أقاربه عن نظرية التطور، ويحاول أن يقنعه بها.. وكان مما لا أزال
أذكره جيدا قوله له: ما دمت لم تقتنع بكل ما ذكرت لك من أدلة، فسأورد لك الآن
دليلا آخر، ربما يكون أقوى الأدلة، ولا يمكن لعاقل أن ينكره.
قال الشيخ: أنا في الاستماع.. وأرجو ألا
يكون مثل الأدلة السابقة التي لا يمكن لمن يحترم عقله أن ينكرها.
قال الشاب: هذا دليل مختلف تماما.. وهو
يثبت نظرية التطور بقوة لا مثيل لها.. وهو يثبت أن للبئية والظروف تأثيرها الكبير
في حصول الانتقاء الطبيعي.
سكت قليلا، ثم قال: يذكر المؤرخون أنه وفي
بداية الثورة الصناعية بإنكلترا كان لون لحاء الأشجار حول منطقة مانشستر فاتحاً
إلى حد كبير.. ولهذا كان من السهل على الطيور التي تتغذى على الفراشات ملاحظة
الفراشات ذات اللون الغامق التي تحط على تلك الأشجار، وهذا ما جعل الفراشات عرضة
للانقراض، فلم يبق لها سوى فرصة قليلة للبقاء.
لكنهم اكتشفوا أنه بعد مرور خمسين سنة تحول
لون لحاء الأشجار إلى اللون الغامق نتيجة التلوث.. واكتشفوا أيضا أن الفراشات
فاتحة اللون صارت أكثر أنواع الفراشات عرضة
نام کتاب : الحياة تصميم لا صدفة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 183